فصل: الْبَحْثُ الرَّابِعِ فِي أَحْكَامِهِ:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الذخيرة (نسخة منقحة)



.الْبَحْثُ الْأَوَّلُ: فِي حَقِيقَتِهِ:

فِي الشَّرْعِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: هُوَ دَفْعُ الْمَالِ عَلَى وَجْهِ الْقُرْبَةِ لِيَنْتَفِعَ بِهِ آخِذُهُ ثُمَّ يَتَخَيَّرُ فِي رَدِّ مِثْلِهِ أَوْ عَيْنِهِ مَا كَانَ عَلَى صِفَتِهِ.
فَرْعٌ:
قَالَ الْمَازِرِيُّ: يَجُوزُ عِنْدَنَا قَرْضُ الدَّنَانِيرِ بِشَرْط أَن لَا يستهلك عَنْهُمَا لِيَتَحَمَّلَ بِهَا الصَّيْرَفِيُّ خِلَافًا لِ (ش) وَقَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ: هَذَا غُرُورٌ لِلنَّاسِ فَكَيْفَ يَجُوزُ؟ وَقَالَ (ش): لَيْسَ لَهَا مَنْفَعَةٌ إِلَّا إِتْلَافُ عَيْنِهَا فَإِذَا لَمْ تَتْلَفِ امْتَنَعَ هَذَا الْفِعْلُ لِبُطْلَانِ حِكْمَتِهِ وَجَوَابُهَا: أَنَّ الصَّرْفَ لَا يَقَعُ إِلَّا مُنَاجَزَةً وَإِنَّمَا يَلْزَمُ الْغُرُورُ أَنْ لَوْ جَازَ التَّأْخِيرُ فَيُغَرُّ النَّاسَ بِمِلَائِهِ فَيُؤَخِّرُونَ وَأَنَّ الْمَنْفَعَة بِالتَّحَمُّلِ مَنْفَعَةٌ مَقْصُودَةٌ لِلْعُقَلَاءِ فَصَحَّ الْفِعْلُ بِاعْتِبَارِهَا.

.الْبَحْثُ الثَّانِي: فِي مَحَلِّهِ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ: كُلُّ مَا جَازَ سَلَمًا فِي الذِّمَّةِ جَازَ قَرْضُهُ إِلَّا الْجَوَارِيَ وَفِي الْكِتَابِ: يَجُوزُ قَرْضُ كُلِّ شَيْءٍ إِلَّا الْجَوَارِيَ لِأَنَّهُ لَا تُعَارُ الْفُرُوجُ لِلْوَطْءِ وَمَنَعَهُ (ح) فِي غَيْرِ الْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ لِتَعَذُّرِ الْمِثْلِ عِنْدَ الرَّدِّ فِي غَيْرِهِمَا لَنَا: الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ وَالْقِيَاسُ عَلَى السَّلَمِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَلِأَنَّ الْمَعْرُوفَ يُسَامَحُ فِيهِ أَكْثَرُ مِنْ غَيْرِهِ وَقد جوز فِي الْقَرْض بِالنَّسِيئَةِ بِخِلَافِ السَّلَمِ نَظَائِرُ: قَالَ سَنَدٌ: يَجُوزُ الْقَرْضُ إِلَّا فِي سِتَّةٍ: الْجَوَارِي وَالدُّورِ وَالْأَرَضِينَ وَالْأَشْجَارِ لِأَنَّ مَوَاضِعَهَا مَقْصُودَةٌ فَإِنْ عُيِّنَتْ لَمْ تَكُنْ فِي الذِّمَّةِ وَإِلَّا بَقِيَتْ مَجْهُولَةً وَتُرَابِ الْمَعَادِنِ وَتُرَابِ الصَّوَّاغِينَ لِتَعَذُّرِ مَعْرَفَةِ مِقْدَارِ الْمَقْصُودِ مِنْهُ حَتَّى يُرَدَّ الْمِثْلُ عَلَى صِفَتِهِ كَانَ مِثْلِيًّا أَمْ لَا وَقَالَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ: يَرُدُّ فِي غَيْرِ الْمِثْلِيِّ الْقِيمَةَ قِيَاسًا عَلَى الْإِتْلَافِ وَجَوَابُهُ: الْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ وَالْفَرْقُ بِأَنَّهُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْمُسَامَحَةِ: دَلِيلُهُ جَوَازُ رِبَا النَّسِيئَةِ وَوَافَقْنَا (ش) و (ح) فِي الْجَوَارِي وَعَنْ جَمَاعَةٍ: جَوَازُ قَرْضِهِنَّ قِيَاسًا عَلَى السَّلَمِ وَالْفَرْقُ: مَا تَقَدَّمَ وَعَنِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ: الْجَوَازُ إِنْ شَرَطَ رَدَّ غَيْرِ الْمُقْرَضَةِ حَتَّى لَا يَرُدَّ مَوْطُوءَتَهُ وَجَوَابُهُ: أَنَّهُ شَرْطٌ مُنَاقِضٌ لِلْعَقْدِ فَيَمْتَنِعُ قَالَ اللَّخْمِيُّ: يَجُوزُ قَرْضُ الْجَوَارِي إِذَا كُنَّ فِي سِنِّ مَنْ لَا تُوطَأُ أَوِ الْمُقْتَرِضُ لَا يَبْلُغُ الِالْتِذَاذَ إِذَا اقْتَرَضَهَا لَهُ وَلَيُّهُ أَوْ هُوَ امْرَأَة أَو ذُو رحم كَانَ مِنْهَا أَوْ مُحرَّم عَلَيْهِ وَطْؤُهَا لِقَرَابَةِ الْمُقْرِضِ إِذَا كَانَ أَصَابَهَا وَفِي الْجَوَاهِرِ: أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ عَلَى أَنَّ الْجَوَازَ مِنْ ذِي الرَّحِمِ لَيْسَ بِخِلَافٍ وَحَكَاهُ عَنِ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَمَنَعَهُ الشَّافِعِيَّةُ مُطْلَقًا لِأَنَّ فَائِدَةَ الْقَرْضِ الْمِلْكُ وَفَائِدَةَ الْمِلْكِ الْوَطْءُ وَهُوَ مَمْنُوعٌ هَاهُنَا فَيَبْطُلُ لِبُطْلَانِ غَرَضِهِ وَجَوَابُهُمْ: أَنَّ فَائِدَةَ الْمِلْكِ أَعَمُّ مِنْ هَذَا كَشِرَاءِ مُحَرَّمَةِ الْوَطْءِ قَالَ سَنَدٌ: فَإِنْ وَقَعَ الْقَرْضُ الْمَمْنُوعُ رَدَّهَا مَا لَمْ يَطَأْهَا فَتَلْزَمُهُ الْقِيمَةُ عِنْدَ مَالِكٍ وَيَرُدُّهَا وَقِيمَةَ الْوَلَدِ إِنْ حَمَلَتْ عِنْدَ (ش) لِعَدَمِ الْمِلْكِ وَجَوَابُهُ: أَنَّ الْبُطْلَانَ إِنَّمَا كَانَ خَشْيَةَ الْوَطْءِ فَإِذَا وَقَعَ فَلَوْ رَدَّهَا وَقَعَ الْمَمْنُوعُ بِخِلَافِ رَدِّهَا بِالْعَيْبِ بَعْدَ الْوَطْءِ لِأَنَّ عَقْدَ الْبَيْعِ لَمْ يَقَعْ عَلَى رَدِّ مِثْلِهَا وَحَيْثُ قُلْنَا: يَرُدُّهَا فَتَعَذَّرَتْ رَدَّ مِثْلَهَا إِنْ قُلْنَا: إِنَّ الْقَرْضَ قَائِمٌ بِنَفْسِهِ وَإِنَّ الْفَاسِدَ يُرد إِلَى الصَّحِيحِ فِي كُلِّ بَابٍ وَقِيمَتُهَا إِنْ رَدَدْنَا الْقَرْضَ لِلْبَيْعِ لِأَنَّهُ مُسْتَثْنًى مِنْهُ وكل مُسْتَثْنى من أصل فَهِيَ رد فاسده لصحيحهما وَلِصَحِيحِ أَصْلِهِ قَوْلَانِ كَالْإِجَارَةِ وَالْمُسَاقَاةِ وَإِذَا أَوْجَبْنَا الْقِيمَةَ لَمْ تَجِبْ قِيمَةُ الْوَلَدِ بِخِلَافِ وَلَدِ الْغَارَّةِ لِشُبْهَةِ الْخِلَافِ وَالرِّضَا هَاهُنَا فَكَأَنَّهُ وَطِئَ مَمْلُوكَتَهُ فَالْوَلَدُ هَاهُنَا يَسْتَنِدُ إِلَى الْمِلْكِ وَفِي الْغَارَّةِ إِلَى حُصُولِ الْحَمْلِ عَلَى مِلْكِ الْغَيْرِ وَفِي الْجَوَاهِرِ: أَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ عَلَى رَدِّهِ إِلَى الْبَيْعِ الْفَاسِدِ وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ مُحْرِزٍ: لَا يُؤَاخَذُ الْمُقْتَرِضُ بِغَيْرِ مَا دَخَلَ عَلَيْهِ فَيُبَاعُ الْمُقْتَرَضُ وَيُعْطَى لَهُ إِنْ كَانَ مُسَاوِيًا لِلْقِيمَةِ أَوْ نَاقِصًا عَنْهَا فَإِنْ زَادَ عَلَيْهَا وَقَفَ الزَّائِدَ فَإِنْ طَالَ وَقْفُهُ تَصَدَّقَ بِهِ عَمَّنْ هُوَ لَهُ قَالَ بَعْضُهُمْ: وَهَذَا يَجْرِي فِي مَسْأَلَةِ الْجَارِيَةِ.
فَرْعٌ:
قَالَ اللَّخْمِيُّ: يَجُوزُ قَرْضُ جُلُودِ الْمَيْتَةِ بَعْدَ الدِّبَاغِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْعًا.
فَرْعٌ:
قَالَ سَنَدٌ: يَمْتَنِعُ قَرْضُ فَدَانٍ بِفَدَانٍ لِلْجَهَالَةِ وَكَذَلِكَ رَطْبٍ بِيَابِسٍ.
فَرْعٌ:
قَالَ: ظَاهِرُ الْكتاب يَقْتَضِي جَوَاز سلم رِطْلِ خُبْزٍ إِذَا لَمْ يُعَيَّنْ نَوْعًا لِلْقَضَاءِ وعَلى قَول بِأَنَّهُ لَا يُبَاع الْخَبَر بِالْخُبْزِ إِلَّا بِاعْتِبَارِ تَمَاثُلِ الدَّقِيقِ يَمْتَنِعُ وَقَالَهُ التُّونُسِيُّ لِاخْتِلَافِ النُّضْجِ بِالرِّطْلِ النَّاضِحِ أَكْثَرَ دَقِيقًا إِلَّا عَلَى الْقَوْلِ بِالتَّحَرِّي فِي الدَّقِيقِ فَيَجُوزُ عَلَى التَّحَرِّي قَالَ: خُبْزُ التَّنُّورِ والمَلّة جِنْسٌ وَاحِدٌ يَقْضِي بَعْضُهُ عَنْ بَعْضِهِ وَيَجُوزُ قَضَاءُ مَا هُوَ أَكْثَرُ دَقِيقًا مِثْلُ دَقِيقِ الْأَوَّلِ فِي الْجَوْدَة أَو أعلى بِخِلَاف مِمَّن اقْتَرَضَ إِرْدَبَّ دَقِيقٍ فَرَدَّ إِرْدَبًّا وَوَيْبَةً مَنَعَهُ ابْن الْقَاسِم لِأَنَّهَا زِيَادَة مُنْفَصِلَة وَالزِّيَادَة وَالزِّيَادَة هَا هُنَا مُتَّصِلَةٌ إِذَا اعْتُبِرَ الْخُبْزُ فِي نَفْسِهِ فَإِنِ اعْتُبِرَ الدَّقِيقُ امْتَنَعَ لِأَنَّهَا زِيَادَةٌ مُنْفَصِلَةٌ إِذْ يُمْكِنُ كَسْرُ الْخُبْزِ كَمَا لَوِ اقْتَرَضَ رِطْلَ لَحْمٍ فَقَضَاهُ قِطْعَةً رِطْلَيْنِ مَنَعَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ.

.الْبَحْثُ الثَّالِثُ: فِي شَرْطِهِ:

وَفِي الْجَوَاهِرِ: شَرْطُهُ أَنْ لَا يَجُرَّ مَنْفَعَةً لِلْمُقْرِضِ فَإِنْ شَرَطَ زِيَادَةً قَدْرًا أَوْ صِفَةً فَسَدَ وَوَجَبَ الرَّدُّ إِنْ كَانَ قَائِمًا وَإِلَّا ضَمِنَ بِالْقِيمَةِ وَبِالْمِثْلِ عَلَى الْمَنْصُوصِ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ سَحْنُونٍ وَعَلَى قَوْلِ ابْنِ مُحْرِزٍ الْمُتَقَدِّمِ بِالْمِثْلِ فَقَطْ قَاعِدَةٌ: الْقَرْضُ خُولِفَتْ فِيهِ قَاعِدَةُ الرِّبَا إِنْ كَانَ فِي الرِّبَوِيَّاتِ كَالنَّقْدَيْنِ وَالطَّعَامِ وَقَاعِدَةِ الْمُزَابَنَةِ وَهُوَ بَيْعُ الْمَعْلُومِ بِالْمَجْهُولِ مِنْ جِنْسِهِ إِنْ كَانَ فِي الْحَيَوَانِ وَنَحْوِهِ مِنْ غَيْرِ الْمِثْلِيَّاتِ وَقَاعِدَةِ بَيْعِ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ فِي الْمِثْلِيَّاتِ لِأَجْلِ مُصْلِحَةِ الْمَعْرُوفِ لِلْعِبَادِ فَإِذَا اشْتَرَطَ مَنْفَعَةً فَلَيْسَ مَعْرُوفًا فَتَكُونُ الْقَوَاعِدُ خُولِفَتْ لَا لِمُعَارِضٍ وَهُوَ مَمْنُوعٌ أَوْ أَوْقَعُوا مَا لِلَّهِ لِغَيْرِ اللَّهِ وَهُوَ مَمْنُوعٌ فَلِهَذِهِ الْقَاعِدَةِ يُشْتَرَطُ تَمَحُّضُ الْمَنْفَعَةِ لِلْآخِذِ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: إِذَا أَقْرَضْتَهُ لِتَنْفَعَ نَفْسَكَ بِضَمَانِهِ فِي ذِمَّتِهِ وَكَرَاهَةِ بَقَائِهِ عِنْدَكَ امْتَنَعَ فَإِنْ عَلِمَ ذَلِكَ غَرِيمُكَ فَلَكَ تَعْجِيلُ حَقِّكَ قَبْلَ أَجَلِهِ لِفَسَادِ الْعَقْدِ قَالَ اللَّخْمِيُّ: وَكَذَلِكَ إِذَا قَصَدَ مَنْفَعَتهَا بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَخْصِيصِ الْمَنْفَعَةِ بِالْمُقْتَرِضِ فَإِنْ قَصَدَ بَيْعَ ذَلِكَ الثَّوْبِ بِمِثْلِهِ مَنَعَهُ مَالك وَابْن الْقَاسِم لِخُرُوجِهِ على الْمَعْرُوفِ وَأَجَازَهُ مَرَّةً وَعَلَى الْأَوَّلِ تفيتُه حِوَالَةُ الْأَسْوَاقِ بِمَا فَوْقَ ذَلِكَ وَيَغْرَمَ قِيمَتَهُ إِنْ فَاتَ وَإِنْ قَالَ الْمُقْرَضُ: أَرَدْتُ مَنْفَعَةَ نَفْسِي وَلَمْ يُصَدِّقْهُ خَصْمُهُ بِيعَ الثَّوْبُ عِنْدَ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ أَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّ الْمِثْلَ بِالْقِيمَةِ فَإِنْ بِيعَ بِدُونِ الْقِيمَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ إِلَّا ذَلِكَ أَوْ بِأَكْثَرَ وَقَفَ الزَّائِدَ فَإِنْ أَقَرَّ بِالْفَسَادِ أَخَذَهُ وَإِلَّا تَصَدَّقَ بِهِ وَإِنْ أَقَرَّ الْمُسْتَقْرَضُ بِالْفَسَادِ دُونَ الْمُقْرَضِ وَالثَّوْبُ قَائِمٌ جُبر عَلَى رَدِّهِ وتُفيته حِوَالَةُ الْأَسْوَاقِ عَلَى قَوْلِ الْمُقِرِّ دُونَ الْآخِذِ فَإِنْ رَجَعَ عَنْ إِقْرَارِهِ: خُيِّرَ الْمُقْرَضِ عَلَى قَبُولِهِ لِأَنَّهُ مُقِرٌّ بِصِحَّةِ الْقَرْضِ فَإِنِ اسْتَهْلَكَهُ غَرِمَ الْمِثْلَ إِلَّا أَن يصدقهُ عل الْفَسَادِ فَالْقِيمَةِ فَإِنْ عَيَّنَهُ وَقَدْ كَرِهَهُ غَرِمَ الْقِيمَةَ مُعَجَّلَةً لِفَسَادِ الْأَجَلِ بِالْقَصْدِ الْفَاسِدِ وَاشْتَرَى بِهَا مِثْلَ الْأَوَّلِ فَإِنْ لَمْ يُوفِّ كَانَ عَلَيْهِ تَمَامُ الثَّمَنِ لِأَنَّهُ لَمْ يُوَافِقْهُ فَإِنْ زَادَتْ دَفَعَ الزَّائِدَ إِنِ اعْتَرَفَ بِالْفَسَادِ كَانَ لَهُ.
فرع:
فِي الْجَوَاهِرِ: إِنْ كَانَتِ الْمَنْفَعَةُ لِلْجِهَتَيْنِ مَنَعَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ ضَرُورَةٌ كَالسَّفَاتِجِ فَرِوَايَتَانِ الْمَشْهُورُ: الْمَنْعُ سُؤَالٌ: قَالَ سَنَدٌ: الْعَارِيَّةُ مَعْرُوفٌ كَالْقَرْضِ وَإِذَا وَقَعَتْ إِلَى أَجَلٍ بِعِوَضٍ جَازَ وَإِنْ خَرَجَتْ بِذَلِكَ عَنِ الْمَعْرُوفِ: فَلِمَ لَا يَكُونُ الْقَرْضُ كَذَلِكَ؟ جَوَابُهُ: إِذَا وَقَعَتْ بِعِوَضٍ كَانَتْ إِجَارَةً وَالْإِجَارَةُ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهَا الرِّبَا وَالْقَرْضُ بِالْعِوَضِ بَيْعٌ وَالْبَيْعُ يُتَصَوَّرُ فِيهِ الرِّبَا وَالْعَرْضُ بِالْعَرْضِ لِمَنْفَعَةٍ رِبًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَحرم الرِّبَا} فَإِنْهُ عَامٌّ إِلَّا مَا خَصَّهُ الدَّلِيلُ.
فرع:
قَالَ سَنَدٌ: مَنَعَ ابْنُ الْقَاسِمِ: أُقْرِضُكَ هَذِهِ الْحِنْطَة على أَن تعطني مِثْلَهَا وَإِنْ كَانَ الْقَرْضُ يَقْتَضِي إِعْطَاءَ الْمِثْلِ لِإِظْهَارِ صُورَةِ الْمُكَايَسَةِ: قَالَ أَشْهَبُ: يُفْسَخُ قَالَ: فَإِنْ قَصَدَ بِالْمِثْلِ عَدَمَ الزِّيَادَةِ فَغَيْرُ مَكْرُوهٍ وَكَذَلِكَ إِذَا لَمْ يَقْصِدْ شَيْئًا فَإِنْ قَصَدَ الْمُكَايَسَةَ فَهَذَا مَكْرُوهٌ لَا يُفْسِدُ الْعَقْدَ لِعَدَمِ النَّفْع للمقرض وَمَنْ سَلَفَ طَعَامًا قَدِيمًا لِيَأْخُذَ جَدِيدًا امْتَنَعَ إِلَّا أَنْ تَكُونَ الْمَنْفَعَةُ لِلْأَخْذِ فَقَطْ.
فَرْعٌ:
قَالَ: إِنْ سَأَلَكَ التَّأْخِيرَ وَيَرْهَنُكَ رَهْنًا أَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ عِنْدَ الْأَجَلِ لَا قَبْلَهُ لِأَنَّهُ مَلَكَ الْحَقَّ الْآنَ وَكَانَ يَقُولُ: إِنْ كَانَ عَدِيمًا امْتَنَعَ لِأَنَّ عَدَمَهُ يَمْنَعُ قَضَاءَ الْحَقِّ قَالَ مُحَمَّدٌ: يَجُوزُ إِنْ كَانَ الرَّهْنُ لَيْسَ لَهُ لِأَنَّهُ سَلَفٌ مُبْتَدَأٌ وَقِيلَ يَمْتَنِعُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الرَّهْنُ لَهُ حَتَّى يَكُونَ بِالْحَقِّ نَفْسِهِ.
فَرْعٌ:
قَالَ: كَرِهَ مَالِكٌ تَأْخِيرَ الْغَرِيمِ بِشَرْطِ أَنْ يُسَلِّفَكَ أَجْنَبِيٌّ قَالَ: وَفِيهِ تَفْصِيلٌ فَإِنْ كُنْتَ طَلَبْتَهُ لِحَاجَتِكَ لِلدَّيْنِ: فَهُوَ خَفِيفٌ لِأَنَّ الْمَنْفَعَةَ لِلْغَرِيمِ وَإِنْ أَسْلَفَكَ أَكْثَرَ مِنَ الَّذِي لَكَ امْتَنَعَ وَإِذَا أَرَدْتَ الْخُلْفَ مَعَ شاهدك: فَقَالَ الْغَرِيمُ: أَحْمِلُ الْيَمِينَ بِشَرْطِ التَّأْخِيرِ سَنَةً فَذَلِك مَمْنُوع وَالْإِقْرَار بَاطِل , الْخُصُومَة بَاقِيَةٌ وَمَنَعَ سَلَفَ شَاةٍ مَسْلُوخَةٍ لِيَأْخُذَ كُلَّ يَوْمٍ رِطْلَيْنِ وَمَنْ سَأَلَكَ حَمْلَ بِضَاعَةٍ فَقُلْتَ: حَلَفْتُ: لَا أَحْمِلُ إِلَّا مَا لِي فَإِنْ شِئْتَ أَسْلَفْتَهَا أَوْ أَوْدَعَكَ وَدِيعَةً فَامْتَنَعَ حَتَّى يُسْلِفَهَا مَنَعَ ذَلِكَ مَالِكٌ لِمَا فِيهِ مِنْ مَنْفَعَةِ السَّلَفِ وَأَبَاحَ: أَعِنِّي بِغُلَامِكَ يَوْمًا وَأَعُيْنُكَ بِغُلَامِي يَوْمًا لِأَنَّهُ رِفْقٌ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ: يُمْنَعُ اشْتِرَاطُ الْقَضَاءِ بِبَلَدٍ آخَرَ وَإِنْ شَرَطَ أَََجَلًا بِخِلَاف الْبَيْعِ لِأَنَّ الْبَيْعَ مُكَايَسَةٌ يَقْبَلُ شَرْطَ التَّنْمِيَةِ وَلَكَ ذَلِكَ فِي الْعَيْنِ إِنْ قَصَدْتَ بِهِ نَفْعَهُ دُونَ نَفْعِ نَفْسِكَ بِذَهَابِ غَرَرِ الطَّرِيقِ كَالسَّفَاتِجِ وَيُضْرَبُ أَجَلًا يَصِلُ فِي مِثْلِهِ وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ فَلَكَ أَخْذُهُ بَعْدَ الْأَجَلِ إِنْ وَجَدْتَهُ.
فَائِدَة:
قَالَ صَاحِبُ التَّنْبِيهَاتِ: السَّفَاتِجُ وَاحِدُهَا سَفْتَجَةٌ بِفَتْحِ السِّينِ وَسُكُونِ الْفَاءِ وَفَتْحِ التَّاءِ بَعْدَهَا جِيمٌ وَهِيَ الْبِطَاقَةُ تُكْتَبُ فِيهَا آجَالُ الدُّيُونِ كَالرَّجُلِ تَجْتَمِعُ لَهُ أَمْوَالٌ بِبَلَدٍ فَيُسَلِّفُهَا لَكَ وَتَكْتُبُ لَهُ إِلَى وَكِيلِكَ بِبَلَدٍ آخَرَ لَكَ فِيهِ مَالٌ أَنْ يُعْطِيَهُ هُنَاكَ خَوْفَ غَرَرِ الطَّرِيقِ قَالَ: وَقَدْ أَجَازَهُ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ لِلضَّرُورَةِ قَالَ سَنَدٌ: وَمَعْنَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ: إِنَّ لِلْحَمَّالِ مُؤْنَةَ الْحِمْلِ وَالضَّمَانَ فِي مُدَّةِ الْحَمْلِ إِلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ عَلَى صُورَةِ الْإِنْكَارِ وَلَا يَلْزَمُ الدَفْعُ إِلَّا حَيْثُ وَقَعَ الْقَرْضُ إِلَّا أَنْ يَتَرَاضَيَا فِيمَا لَهُ مُؤْنَةٌ لِضَرُورَةِ مُؤْنَةِ الْحِمْلِ كَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُتَعَدِّيَ إِلَّا بِبَلَدِ الْغَصْبِ وَإِنِ اتَّفَقَا عَلَى غَيْرِ الْبَلَدِ قَبْلَ الْأَجَلِ فَقَوْلَانِ نَظَرًا لِإِسْقَاطِ الْحَقِّ بِالرِّضَا أَوْ يَكُونُ ضَعْ وَتَعَجَّلْ وَمَنَعَ فِي الْكتاب قرض الْحَاج الععك عَلَى التَّوْفِيَةِ بِبَلَدٍ آخَرَ وَجَوَّزَهُ سَحْنُونٌ لِأَنَّ الْحَاجَّ لَا يُوَفِّي الْقَرْضَ فِي لُجَّةِ الْبَحْرِ بَلْ فِي بَلَدٍ آخَرَ فَإِنْ قَصَدَ بِذَلِكَ اشْتِرَاطَ الْحَمُولَةِ فَسَدَ.
فَرْعٌ:
فِي الْكِتَابِ لَا تُقْرِضْ طَعَامَكَ عَلَى تَصْدِيقِكَ فِي كَيْلِهِ كَأَنَّهُ أَخْبَرَهُ لِيَضْمَنَ نَقْصَهُ إِلَّا أَنْ تَقُولَ لَهُ كِلْهُ وَأَنْتَ مُصَدَّقٌ.
فَرْعٌ:
يُقَالُ لَا تَقْبَلُ هَدِيَّةَ غَرِيمِكَ إِلَّا أَنْ يَعْتَادَ مُهَادَاتِكَ قَبْلَ الدَّيْنِ وَتَعْلَمَ أَنَّ هديته لَيْسَ لأجل الدّين خِلَافًا لِ (ش) و (ح) لِأَنَّهُ يُهَادِيكَ رَجَاءَ التَّأْخِيرِ فَهُوَ ذَرِيعَةٌ لِرِبَا الْجَاهِلِيَّةِ قَالَ سَنَدٌ وَأَمَرَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا بِمُحَاسَبَةِ الْمِدْيَانِ بِهَدِيَّتِهِ وَرَدَّ عُمَرُ هَدِيَّةَ أُبَيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا وَلَهُ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَعَاتَبَهُ فَقَبِلَهَا وَقَالَ إِنَّمَا الرِّبَا عَلَى مَنْ أَرَادَ أَنْ يُرْبِيَ وَالْأَصْلُ الْمَنْعُ حَتَّى تَتَبَيَّنَ الْإِبَاحَةُ فَمَا أَشْكَلَ مِنَ الْهَدِيَّةِ تُرِكَ قَالَهُ مَالِكٌ وَلَا تَنْتَفِعُ بِمَا رَهَنَكَ وَلَوْ كَانَ مُصْحَفًا لَا تَقْرَأُ فِيهِ وَإِنْ أَذِنَ لَكَ وَعَنْهُ أَنَّهُ إِذَا ابْتَعْتَ مَوْزُونًا بِثَمَنٍ إِلَى أَجَلٍ فَتَرَكَ لَكَ رِطْلَيْنِ يَجُوزُ وَجَوَّزَهُ سَحْنُونٌ وَإِنْ كَثُرَ قَالَ وَالْعَارِيَّةُ وَالْمَعْرُوفُ وَالْبَيْعُ وَاحِدٌ وَقَدْ يَجُوزُ الْبَيْعُ مِنْ بَعْضِ النَّاسِ بِالْمُسَامَحَةِ لِذَلِكَ وَحَيْثُ مَنَعْنَا الْهَدِيَّةَ رَدَّهَا أَوْ مِثْلَهَا أَوْ قِيمَتَهَا إِنْ فَاتَتْ لِأَنَّهَا تَصَرُّفٌ مُحَرَّمٌ قَالَ التُّونُسِيُّ وَهَدِيَّةُ الْمُقَارِضِ لَيْسَ كَهَدِيَّةِ الْمِدْيَانِ لِأَنَّ الْقَرْضَ لَيْسَ فِي الذِّمَّةِ قَالَ بَلْ كَهَدِيَّةِ الْمِدْيَانِ لِتَوَقُّعِ تَأْخِيرِ الْقَرْضِ وَالْقَرْضُ لِلْمَنْفَعَةِ حَرَامٌ ونكره هَدِيَّةُ رَبِّ الْمَالِ لِلْعَامِلِ لِأَنَّهَا تَحْمِلُهُ عَلَى التَّمَادِي قَالَ اللَّخْمِيُّ اخْتُلِفَ فِي مُبَايَعَةِ الْمِدْيَانِ بِالْجَوَازِ وَالْكَرَاهَةِ فَإِنْ نَزَلَ وَكَانَ بِثَمَنِ مِثْلِهِ أَوْ غَبَنٍ يَسِيرٍ حُمِلَ عَلَى السَّلَامَةِ أَوْ كثيرا امْتنع خذا قبل الْأَجَل وَيكرهُ الشِّرَاء بعد الْأَجَل لَيْلًا يَتَذَرَّعَا بِذَلِكَ إِلَى هَدِيَّةِ الْمِدْيَانِ أَوْ فَسْخِ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ فَإِنْ فَعَلَا وَلَمْ تَكُنْ مُسَامَحَةٌ أَوْ كَانَتْ وَقَضَاهُ فِي الْحَالِ صَحَّ وَإِلَّا رُدَّتِ الْمُسَامَحَةُ وَيُكْرَهُ بَيْعُكَ مِنَ الْغَرِيمِ خَشْيَةَ حَمْلِ ذَلِكَ لَهُ عَلَى أَنْ يَزِيدَكَ لِتُؤَخِّرَهُ أَوْ يَعْمَلَا عَلَى فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ قَالَ أَبُو الطَّاهِرِ: أَمَّا هَدِيَّةُ الْعَامِلِ قَبْلَ الشُّغْلِ فِي الْمَالِ فَمَمْنُوعَةٌ اتِّفَاقًا.

.الْبَحْثُ الرَّابِعِ فِي أَحْكَامِهِ:

وَأَصْلُهُ النَّدْبُ وَقَدْ يجب عِنْد الضَّرُورَة المسغبة وَنَحْوهَا وَهُوَ أعظم يقبله الْأَحْرَار الممتنون مِنْ تَحَمُّلِ الْمِنَنِ وَقَدْ قَالَ بَعْضُ السَّلَفِ كَانَ أَحَدُنَا لَا يَعُدُّ لِنَفْسِهِ مَالًا ثُمَّ ذهب وَبَقِي الإيثار ثمَّ ذهب وَبَقِيَ الْقَرْضُ.
تَنْبِيهٌ:
وَقَعَتْ فِي بَابِ الْقَرْضِ نَادِرَةٌ وَهِيَ أَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ ثَوَابَ الْوَاجِبِ أَعْظَمُ مِنْ ثَوَابِ الْمَنْدُوبِ وَإِنْظَارَ الْمُعْسِرِ بِالدَّيْنِ وَاجِبٌ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ} وَلِأَن الإبرار مُتَضَمِّنٌ لِمَصْلَحَةِ الْإِنْظَارِ وَزِيَادَةٍ فَلِذَلِكَ كَانَ أَعْظَمَ ثَوَابًا مِنْهُ وَلِأَنَّ الْأَصْلَ فِي كَثْرَةِ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ كَثْرَةُ الْمَصَالِحِ وَالْمَفَاسِدِ وَقِلَّتُهَا.
فَرْعٌ:
فِي الْجَوَاهِرِ: يَجُوزُ اشْتِرَاطُ الْأَجَلِ فِي الْقَرْضِ قَالَ صَاحِبُ الْقَبَسِ: انْفَرَدَ مَالِكٌ دُونَ سَائِرِ الْعُلَمَاءِ بِاشْتِرَاطِ الْأَجَلِ فِي الْقَرْضِ وَيَجُوزُ التَّأْخِيرُ مِنْ غير شَرط أجماعا لقَوْله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ رَجُلًا كَانَ فِيمَنْ كَانَ قَبْلَكَمُ اسْتَسْلَفَ مِنْ رَجُلٍ أَلْفَ دِينَارٍ إِلَى أَجَلٍ فَلَمَّا حلَّ الْأَجَل طلب مركبا فَخرج إِلَيْهِ فِيهِ فَلَمْ يَجِدْهُ فَأَخَذَ قِرْطَاسًا وَكَتَبَ فِيهِ إِلَيْهِ وَنَقَرَ خَشَبَةً فَجَعَلَ فِيهَا الْقِرْطَاسَ وَالْأَلْفَ وَرَمَى بِهَا فِي الْبَحْرِ وَقَالَ: اللَّهُمَّ إِنَّهُ قَالَ حِينَ دَفَعَهَا إليَّ: اشْهَدْ لِي فَقلت: كفى بِاللَّه شَاهدا وَقَالَ ائْتِنِي بِكَفِيلٍ فَقُلْتُ: كَفَى بِاللَّهِ كَفِيلًا اللَّهُمَّ أَنْتَ الْكَفِيلُ بِإِبْلَاغِهَا فَخَرَجَ صَاحِبُ الْأَلْفِ دِينَارٍ إِلَى سَاحِلِ الْبَحْرِ لِيَحْتَطِبَ فَدَفَعَ الْبَحْرُ لَهُ الْعُودَ فَأَخَذَهُ فَلَمَّا فَلَقَهُ وَجَدَ الْمَالَ وَالْقِرْطَاسَ ثُمَّ إِنَّ ذَلِكَ الرَّجُلَ وَجَدَ مَرْكِبًا فَأَخَذَ الْمَالَ وَرَكِبَ وَحَمَلَهُ إِلَيْهِ فَلَمَّا عَرَضَهُ عَلَيْهِ قَالَ لَهُ: قَدْ أَدَّى اللَّهُ أَمَانَتَكَ» وَذِكْرُ هَذَا فِي سِيَاقِ الْمَدْحِ يَدُلُّ عَلَى مَشْرُوعِيَّتِهِ وَشَرْعُ مَنْ قَبْلَنَا شَرْعٌ لَنَا حَتَّى يُنْسَخَ.
فَرْعٌ:
فِي الْجَوَاهِر: يُخَيّر الْمُقْتَرض يبين رَدِّ الْعَيْنِ أَوِ الْمِثْلِ فَإِنْ أَرَادَ الرُّجُوعَ فِي الْعَيْنِ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ بَعْدَ الِانْتِهَاءِ لِلْمُدَّةِ الْمُحَدَّدَةِ بِالشَّرْطِ أَوِ الْعَادَةِ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ وَيَمْتَنِعُ تَعْجِيلُ الْأَدْنَى قَبْلَ الْأَجَلِ لِأَنَّهُ: ضَعْ وَتَعَجَّلْ بِخِلَافِ الْأَجْوَدِ لِأَنَّهُ حُسْنُ قَضَاءٍ.
فَرْعٌ:
قَالَ: وَلَا تَمْتَنِعُ الزِّيَادَةُ بَعْدَ الْأَجَلِ فِي الصِّفَةِ وَتَمْتَنِعُ فِي الْعَدَدِ عَلَى الْمَشْهُورِ لِلتُّهْمَةِ فِي السَّلَفِ بِزِيَادَةٍ وَالْحَدِيثُ الْمُتَقَدِّمُ وَرَدَ فِي الْجَمَلِ الْخِيَارِ وَهُوَ أَجْوَدُ صِفَةً وَالْفَرْقُ: أَنَّ الصِّفَةَ وَالْمَوْصُوفَ كَالشَّيْءِ الْوَاحِدِ بِخِلَافِ الْعَدَدِ قَالَ صَاحِبُ الْبَيَانِ: أَجَازَ ابْنُ الْقَاسِمِ إِذَا اقْتَرَضَ مِائَةً قَمْحًا أَنْ يَأْخُذَ تِسْعِينَ وَعَشْرَةً شَعِيرًا أَوْ دَقِيقًا بَعْدَ الْأَجَلِ لِأَنَّ بَيْعَ الْقَرْضِ قَبْلَ قَبْضِهِ جَائِزٌ إِذَا كَانَ الْمَقْبُوضُ مِثْلَ حَقِّهِ لَا أَجْوَدَ وَلَا أَدْنَى وَإِلَّا امْتَنَعَ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ لِإِشْعَارِ ذَلِكَ بِالْمُكَايَسَةِ وَبَيْعُ الْقَرْضِ إِنَّمَا أُجِيزَ مَعْرُوفًا هَذَا إِذَا كَانَ فِي الْمَجْلِسِ وَبَعْدَهُ يَجُوزُ لِبُعْدِ التُّهْمَةِ عَلَى نَفْيِ الْمَعْرُوفِ.
فرع:
فِي الْبَيَان إِذا قرض وبيه لَهُ أَخْذُ نِصْفِ وَيْبَةٍ قَمْحًا وَبِالنِّصْفِ الْآخَرِ شَعِيرًا أَوْ دَقِيقًا أَوْ تَمْرًا لِأَنَّ الْوَيْبَةَ مُتَجَزِّئَةٌ كَالدِّينَارَيْنِ يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ بِأَحَدِهِمَا ذَلِكَ وَلَيْسَ كَالدِّينَارِ يَمْتَنِعُ أَنْ يَأْخُذَ بِنِصْفِهِ غَيْرَ ذَهَبٍ لِأَنَّهُ لَا يَتَبَعَّضُ وَقَالَ أَشْهَبُ: الْوَيْبَةُ كَالدِّينَارِ وَاتَّفَقَا أَنَّ الْوَيْبَتَيْنِ كَالدِّينَارَيْنِ لِأَنَّ التَّعَدُّدَ فِي اللَّفْظ وَالْمعْنَى وَيمْتَنع أَنْ يَأْخُذَ فِي وَيْبَةٍ مَحْمُولَةٍ نِصْفَ وَيْبَةٍ سَمْرَاءَ وَنِصْفَ وَيْبَةٍ شَعِيرًا لِأَنَّ السَّمْرَاءَ أَفْضَلُ وَالشَّعِيرَ أَدْنَى فَيَقَعُ التَّفَاضُلُ بَيْنَ السَّمْرَاءِ وَالْمَحْمُولَةِ وَبَيْنَ الْمَحْمُولَةِ وَالشَّعِيرِ وَلَوْ كَانَتْ سَمْرَاءَ فَأَخَذَ بِنِصْفِهَا شَعِيرًا أَوْ كَانَتْ شَعِيرًا فَأَخَذَ بِنِصْفِهَا نِصْفَ وَيْبَةٍ سَمْرَاءَ وَبِنِصْفِهَا مَحْمُولَةً جَازَ عَلَى أَحَدِ قَوْلَيِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ خِلَافًا لِأَشْهَبَ.
فَرْعٌ:
قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إِذَا كَانُوا يَقْتَسِمُونَ الْمَاءَ بِالْقِلَلِ وَهُوَ قِدْرٌ نُحَاسٌ فَيُسَلِّفُ الرَّجُلُ صَاحِبَهُ أَعْدَادًا فَيَتَأَخَّرُ لِلصَّيْفِ حَتَّى يَغْلُوَ الْمَاءُ: لَيْسَ عَلَيْهِ الْإِعْطَاءُ إِلَّا فِي الشِّتَاءِ لِأَنَّ اخْتِلَافَ الْفُصُولِ يُوجِبُ اخْتِلَافَ الْمِيَاهِ فِي الْمَقَاصِدِ وَقَالَ أَصْبَغُ: عَلَيْهِ الدَفْعُ فِي أَيِّ وَقْتٍ طَلَبَهُ إِذَا كَانَ السَّلَفُ حَالًّا لَا وَقْتَ لَهُ لِأَنَّ الْمِيَاهَ مُتَمَاثِلَةٌ.